الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فقد إنتشر في الآونة الأخيرة في وسائل الإتصال بين الناس الحث على المبادرة بالتوبة والعمل الصالح في آخر جمعة في العام ليتدارك الإنسان ما فاته من الثواب ويجبر ما وقع منه من التفريط في عامه ولتطوى صحيفته ويرفع عمله على خير ويدعو الناس لبعضهم في هذه المناسبة بالمغفرة والنور والسعادة والإيمان وبلاغ العام الجديد هذا هو مضمون رسائلهم مع إختلاف عباراتهم، وقد رأيت من المناسب تنبيه إخواني المؤمنين عن حكم ذلك.
فأقول مستعينا بالله أن هذا العمل محدث ليس له أصل في السنة ولا في كلام الأئمة ولم ترد هذه الكيفية في النصوص ومما يدل على نكارتها الوجوه الآتية:
=الأول: أنه لم يدل دليل على تمييز آخر جمعة على سائر الجمع وإنما هي مثلها متساوية معها في الحكم والفضل فلا تخص بشيء دونها.
=الثاني: إن ترتيب العام على هذا النحو لا يؤثر عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما سنه الخليفة عمر رضي الله عنه وهذا يدل على عدم إعتبار نهاية العام الهجري في فضائل الأعمال.
=الثالث: أن التوبة وسائر الأعمال الصالحة مشروعة ومستحبة في سائر الأوقات لا تختص بآخر جمعة وإنما تتأكد في الأزمنة الفاضلة على سبيل العموم من غير تخصيص.
=الرابع: أن أعمال المؤمن من خير وشر ترفع في العام في شعبان كما ورد في الأحاديث ولا علاقة لها بآخر العام وأما صحيفة العبد فلا تطوى إلا عند وفاته.
=الخامس: أن تخصيص آخر جمعة بأعمال ووظائف ومواعظ لم ترد في الشرع يعد من البدع لأنه فيه مضاهاة للشرع وزيادة لم يأذن بها الله والدين محفوظ قد أكمله الله وصانه من الزيادة والنقصان.
والمؤمن ينبغي له أن يكون وقافا عند حدود الله في باب الموعظة والدعوة إلى الله ولا تكون العاطفة وحدها متحكمة في تصرفاته وآدابه ولقد ضل كثير من أهل البدع لما زهدوا في إتباع السنة وإعتمدوا على العقل والعاطفة الجياشة وجعلوا الدين مفتوحا لكل وارد ولم يقيدوه بآداب الشرع.
فعلى هذا ينبغي على الدعاة والوعاظ ومراكز الدعوة إنكار هذه الطريقة وتذكير الناس بأهمية اتباع السنة واقتفاء أهل العلم وعدم متابعة الجهال والتساهل في هذه الأمور.
وفق الله جميع المسلمين لكل بر وهداهم لمرضاته وفتح لهم أبواب الخير سائر الأعوام والأيام.
الكاتب: خالد بن سعود البليهد.
المصدر: موقع صيد الفوائد.